Custom Search

السيارات الكهربائية ومستقبل الطلب العالمي على النفط

20. يناير. 2010
د. نعمت أبوالصوف
الإقتصادية



السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية تشمل: السيارات العاملة بالبطاريات بشكل كامل والسيارات المهجنة التي تعمل بالبنزين والكهرباء، إضافة إلى سيارات خلايا الوقود التي تعمل بالكهرباء الناتج عن وقود الهيدروجين. هذه السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية، خاصة تلك السيارات المهجنة التي تعمل بالبنزين والكهرباء PHEVs، قد يكون لها تأثير كبير في الطلب على النفط في المستقبل. السؤال المهم في هذا الجانب هو ما المدى الذي يمكن للسيارات الكهربائية أن تصل إليه خلال العقود القليلة المقبلة؟

في الولايات المتحدة، وكذلك في مناطق أخرى من العالم، تعد تقنيات السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية وسيلة لتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية الطويلة الأجل المهمة مثل تنويع مزيج الوقود في قطاع النقل وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة.

السيارات المهجنة قد أصبحت بالفعل تشكل سوقا مهمة لبعض أصدقاء البيئة، لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه السيارات قادرة بالفعل على المنافسة من حيث التكاليف واجتذاب قاعدة أوسع من العملاء.

في هذا الخصوص توقعت إحدى الشركات المتخصصة في إنتاج قطع غيار السيارات أن يتباطأ معدل إنتاج السيارات العادية العاملة بالديزل عالمياً، ليراوح بين 25 و28 في المائة بحلول عام 2016، عازية الأمر إلى الاتجاه العالمي لإنتاج السيارات العاملة بالبطاريات كاملا والسيارات المهجنة التي تعمل بالبنزين والكهرباء الصديقة للبيئة، والتي تضمن تقليل حجم الانبعاثات الكربونية الصادرة عن عوادم السيارات.


بالتأكيد السيارات الكهربائية والسيارات المهجنة التي تعمل بالبنزين والكهرباء لن تكون رخيصة الثمن. حيث إن الهدف من وراء السيارات الكهربائية هو أن المستهلك سيعوض ارتفاع سعرها بتكاليف أقل للوقود على مدى عمر المركبة. لذلك الحكومات قد تدخلت للمساعدة، على سبيل المثال برنامج إغاثة الأصول المتعثرة للحكومة الفيدرالية الأمريكية قد شمل إعفاءات ضريبية لمستهلكي السيارات الكهربائية والسيارات المهجنة التي تعمل بالبنزين والكهرباء. هذه الإعفاءات هي كبيرة بما يكفي لتعويض عشرة آلاف دولار من سعر المركبة في إطار زمني معقول، حتى مع أسعار منخفضة للجالون الواحد من البنزين. إضافة إلى ذلك الأحكام المقترحة في مشروع قانون الحوافز المالية، تسعى الحكومة الفيدرالية الأمريكية إلى زيادة عدد المركبات المؤهلة للحصول على ائتمان من 250 ألفا إلى 500 ألف، وكذلك توفير حوافز ضريبية لشركات تصنيع السيارات والشركات المنتجة للمكونات. لذلك من غير المستغرب أن صناعة السيارات لا تزال ملتزمة بتقديم أول نموذج للسيارات الكهربائية خلال العام الحالي.

باندفاع كبريات شركات صناعة السيارات لتحقيق طفرات متقدمة في صناعة المركبات الهجينة والسيارات الكهربائية وتقديمها إلى الأسواق بأسعار تنافسية، اختلف المحللون في قطاع النفط في وجهات النظر حول كيف يمكن لهذه التقنيات الجديدة أن تؤثر سلبا في الطلب على المنتجات النفطية وبالتالي في النفط في العقود القليلة المقبلة.

في حين أن الدعم يمكن أن يساعد في خفض التكاليف، إلا أن وكالة الطاقة الدولية IEA ترى أن سياسة الدعم الحالية غير كافية لضمان انتشار المركبات المتطورة على نطاق واسع بين المستهلكين. وتتوقع الوكالة أن مبيعات السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية ستظل محدودة بسبب ارتفاع التكاليف ومحدودية حجم مبيعات السيارات الكهربائية في الأسواق العالمية للمركبات، حيث تتوقع أن حجم السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية لن لا يشكل سوى 6.4 في المائة من الأسطول العالمي للمركبات في عام 2030، ونتيجة لذلك ستفشل هذه السيارات في تحقيق خفض كبير في الطلب العالمي على النفط.

مع ذلك، فإن وكالة الطاقة الدولية تقول إن كل هذا يمكن أن يتغير نتيجة التدخل والدعم كبير من قبل الحكومات، حيث إن في إطار سيناريو المنظمة لتخفيف آثار تغير المناخ ''450 جزءا في المليون''، الذي يفترض وجود جهود كبيرة للحد من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن المركبات العاملة بالطاقة الكهربائية يمكن أن تشكل ما يصل إلى 60 في المائة من أسطول السيارات العالمي بحلول عام 2030. هذا التوسع في المركبات العاملة بالطاقة الكهربائية، جنبا إلى جنب مع السياسات الأخرى للحد من الطلب على النفط في قطاع النقل، مثل استخدام الوقود الحيوي، يمكن أن تؤدي إلى تخفيض 70 في المنطقة في استهلاك النفط في هذا القطاع، وفقا لوكالة الطاقة الدولية. لكن هذا فقط مجرد افتراض متفائل جدا في الوقت الحاضر.


جهة بحثية أخرى متخصصة في مراقبة التطورات في الصناعة النفطية وبدائل وقود النقل تبنت وجهة نظر أكثر تفاؤلا بخصوص انتشار استخدام المركبات الهجينة والسيارات الكهربائية بحجة أنها بالفعل على المسار الصحيح للاستفادة من التطور التكنولوجي الهائل في هذا المجال. وفقا للمحللين في هذه الجهة، إن تقنية المركبات الهجينة ستكون التكنولوجيا التي ستعمل على خفض الطلب العالمي على النفط بصورة كبيرة جدا لم يسبق لها مثال. حيث يشير فريق المحللين فيها إلى تكاتف مجموعة من العوامل التي تسببت في خلق بيئة مواتية للتوسع في المركبات العاملة بالطاقة الكهربائية، من هذه العوامل: تركيز إدارة أوباما على خفض الانبعاثات؛ تزايد القلق العالمي بشأن البيئة؛ هشاشة الموقف المالي لعملاقة صناعة السيارات الأمريكية؛ وارتفاع أسعار النفط لتصل إلى نحو 150 دولارا للبرميل في منتصف عام 2008. على الرغم من أن المركبات العاملة بالطاقة الكهربائية لن يكون لها تأثير كبير في الطلب على النفط في المدى القريب، إلا أن هذا الفريق يعتقد أن التحول العالمي نحو مثل هذه المركبات، إضافة إلى تحسين كفاءة المركبات، سيعني أن الطلب العالمي على النفط سيبدأ في الانخفاض بحلول عام 2016.

في حين يرى آخرون أن المركبات العاملة بالطاقة الكهربائية ستتوسع لتصل إلى 13.8 في المائة من الأسطول العالمي للسيارات بحلول عام 2030، ما قد يساعد في الحد من استهلاك النفط بمقدار أربعة ملايين برميل يوميا. حيث إن الإعانات والدعم الحكومي سيعززان هذا النمو، ما يجعل من المركبات العاملة بالطاقة الكهربائية خيارا قادرا على المنافسة اقتصاديا في الأسواق التقليدية، على حد قولهم.

لكن حتى مع الدعم السخي من قبل الحكومات، يظل هناك خلاف بين المحللين في قطاع النفط في وجهات النظر حول ما إذا كان الانتشار الواسع في استخدام المركبات العاملة بالطاقة الكهربائية يمكن أن يعوض بالكامل الزيادات المتوقعة في الطلب العالمي على النفط.

على الرغم من أن وكالة معلومات الطاقة الأمريكية EIA تتوقع أن السياسات الحالية ستؤدي إلى انتشار واسع في استخدام المركبات العاملة بالطاقة الكهربائية بحلول عام 2035، إلا أنها في الوقت نفسه تتوقع أن الانخفاض في الطلب على النفط في الولايات المتحدة نتيجة ذلك سيعوض بزيادة الاستهلاك نتيجة قطع مسافات أكبر من قبل السائقين، نتيجة لارتفاع معدل دخل الفرد.

لكن شركة إكسون موبيل في توقعاتها للطاقة العالمية على المدى الطويل، أشارت إلى أن زيادة عدد المركبات الهجينة وغيرها من المركبات المتقدمة، إضافة إلى المزيد من التحسينات في كفاءة استهلاك الوقود في السيارات التقليدية، ستعمل مجتمعة على كبح النمو في الطلب على الطاقة لأغراض النقل بحلول عام 2030.

السنوات القليلة المقبلة قد تكون حاسمة بالنسبة لأسواق صناعة السيارات العاملة بالطاقة الجديدة، حيث إن عديدا من شركات السيارات الكبرى تستعد لإطلاق الموديلات الجديدة كليا للسيارات الكهربائية خلال العام الحالي وعام 2011 القادرة على قطع مئات الأميال دون أي بنزين أو ديزل. لكن ستستمر الحاجة إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، لكي يتمكن النمو في سوق السيارات الكهربائية من تحقيق خفض ملحوظ في الطلب على النفط.

إن الجيل التالي من المركبات البديلة التي سيتم طرحها في الأسواق بدءا من العام المقبل سيختلف عن نموذج السيارات المهجنة التي تعمل بالبنزين والكهرباء السابقة، بكونها مجهزة بنوع جديد من بطاريات الليثيوم التي من شأنها أن توفر أساسا للسيارات العاملة بالبطاريات بصورة كاملة.

No comments:

Post a Comment